قصص داود عليه السلام.

  

قال تعالى في سورة سبأ: (( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ  )). وقال تعالى في سورة ص (( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ )).

 

( عن أبي جعفر (ع) ) قال: إن الله تبارك وتعالى لم يبعث الأنبياء ملوكاً في الأرض إلا أربعة بعد نوح : ذو القرنين واسمه عياش وداود وسليمان يوسف عليهم السلام.

 

فأما عياش : فملك ما بين المشرق والمغرب.

وأما داود : فملك ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر. وكذلك كان ملك سليمان وأما يوسف: فملك مصر وبراريها. لم يجاوزها إلى غيرها.

 

( تفسير علي بن إبراهيم ) ( يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ) – أي سبحي لله – (وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) قال: كان داود عليه السلام إذا مر في البراري يقرأ الزبور , تسبح الجبال والطير معه والوحوش وألان الله له الحديد مثل الشمع , حتى كان يتخذ منه ما أحب.

 

قال الصادق (ع) : أطلبوا الحوائج يوم الثلاثاء , فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود عليه السلام. وقوله : ( إَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ) قال : الدرع , وقدر في السرد المسامير التي في الحلقة.

 

( قصص الأنبياء ) للفاضل الراوندي , بإسناده إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: إن داود عليه السلام كان يدعو أن يعلمه الله القضاء بين الناس بما هو عنده تعالى الحق فأوحى الله إليه : يا داود إن الناس لا يحتملون ذلك واني سأفعل. وارتفع إليه رجلان , فاستدعى أحدهما على الآخر , فأمر المستدعى عليه أن يقوم المستدعي فيضرب عنقه ففعل.

 

فاستعظمت بنوا إسرائيل ذلك ! وقالت رجل جاء يتظلم من رجل , فأمر الظالم أن يضرب عنقه ! فقال صلوات الله عليه : ( رب إنقذني من هذه الورطة ). قال: فأوحى الله تعالى إليه: يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق , وان هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه , فأمرت فضربت عنقه فوداه بأبيه وهو وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت شجرة كذا فأته فناده باسمه , فإنه سيجيبك فسله.

 

قال: فخرج داود عليه السلام وقد فرح فرحاً شديداً , فقال لبني إسرائيل : قد فرج الله , فمشى ومشوا معه فانتهى إلى شجرة , فنادى : يا فلان ! فقال لبيك يا نبي الله , قال من قتلك ؟ قال فلان. قال بنو إسرائيل , لسمعناه يقول يا نبي الله فنحن نقول يا نبي الله كما قال !! فأوحى الله تعالى إليه : يا داود لا يطيقون الحكم بما هو عندي الحكم , فسل المدعي البينة وأضف المدعى إلى اسمي.

 

( وعن أبي عبدالله عليه السلام ) قال: كان على عهد داود عليه السلام سلسلة يتحاكم الناس إليها , وأن رجلا أودع رجلا جواهر , فجحده إياها ! فدعاه إلى السلسلة , فذهب معه إليها وأدخل الجوهر في قناة , فلما أراد أن يتناول السلسلة قا له أمسك هذه القناة حتى أخذ السلسلة فأمسكها , ودنا الرجل من السلسلة فتناولها وأخذها وصارت في يده , فأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : أحكم بينهم بالبينات وأضفهم إلى اسمي يحلفون به , ورفعت السلسلة.

 

قال أبو جعفر عليه السلام : عرض على آدم عليه السلام أسماء الأنبياء عليهم السلام وأعمارهم , فمر بإسم داود فإذا عمره أربعون سنة , فقال آدم عليه السلام يا رب وما أقصر عمر داود وأكثر عمري ؟ يا رب إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أتكتب ذلك له ؟ قال: نعم , قال إني زدته من عمري ثلاثين سنة فأثبتها له وإطرحها من عمري ! فأثبتها الله لداود ومحاها من آدم. فذلك قوله : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ).

 

فلما دنا عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال يا ملك الموت قد بقي من عمري ثلاثون سنة , فقال ألم تجعلها لابنك داود وأنت بوادي الروحا ؟ فقال آدم عليه السلام يا ملك الموت ما أذكر هذا , فقال يا آدم لا تجهل , ألم تسأل الله أن يثبتها لداود ويمحوها عن عمرك؟ قال آدم فأحضر الكتاب حتى أعلم ذلك , وكان آدم صادقاً لم يذكر. فمن ذلك أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا وتعاملوا إلى أجل مسمى , لنسيان آدم عليه السلام وجحود ما جعل على نفسه.

 

 

( من لا يحضره الفقيه ) قال أبو جعفر عليه السلام : دخل علي  عليه السلام المسجد , فاستقبله شاب وهو يبكي وحوله قوم يسكتونه , فقال له عليه السلام : ما أبكاك ؟ فقال يا أمير المؤمنين إن شريحاً قضى علي بقضية ما أدري ما هي , ان هؤلاء النفر خرجوا بأبي في سفرهم فرجعوا , لم يرجع أبي ! فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله , فقالوا ما ترك مالاً , فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم ! وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال ارجعوا فردهم جميعاً والفتى معهم إلى شريح.

 

فقال: يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء ؟ فحكى له , فقال: يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا , والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به قبلي إلا داود النبي (ع) يا قنبر أدع لي شرطة الخميس فدعاهم , فوكل بكل رجل منهم رجلاً من الشرطة , ثم نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى وجوههم فقال أتقولون اني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى اني إذاً لجاهل , ثم قال فرقوهم وغطوا رؤوسهم ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى إسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم , ثم دعا بعبيدالله بن أبي رافع كاتبه , فقال هات صحيفة ودواة وجلس (ع) في مجلس القضاء واجتمع الناس إليه , فقال إذا أنا كبرت فكبروا , ثم قال للناس أفرجوا , ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه , ثم قال لعبيدالله أكتب قراره وما يقول , ثم أقبل عليه بالسؤال فقال في أي حين خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم فقال في يوم كذا وشهر كذا , ثم قال وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات ؟ قال إلى موضع كذا , قال وفي أي منزل مات ؟ قال في منزل فلان بن فلان , قال وما كان مرضه ؟ قال كذا وكذا , قال كم يوماً مرض ؟ قال كذا وكذا يوماً , قال فمن كان يمرضه وفي أي يوم مات ومن غسله ومن كفنه وبما كفنتموه ومن صلى عليه ومن نزل قبره ؟ .

 

فلما سأله عن جميع ما يريد , كبر وكبر الناس معه ! فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه , فأطرق يغطي رأسه. ثم دعى بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه , ثم قال كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم , فقال يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارهاً لقتله فأقر. ثم دعا بواحد بعد واحد , وكلهم يقر بالقتل , وأخذ المال , ثم رد الأول فأقر أيضاً , فألزمهم المال والدية.

 

وقال شريح يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود ؟ فقال إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم مات الدين ! فدعا منهم غلاماً , فقال يا غلام ما اسمك ؟ فقال اسمي مات الدين سمتني به أمي.

 

فانطلق إلى أمه فقال لها من سماه بهذا الاسم ؟ قالت أبوه , قال وكيف ذلك ؟ قالت أن أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني , فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي وقالوا مات ! قلت أين ماله ؟ قالوا لم يخلف مالاً !  فقلت أوصاكم بوصية ؟ قالوا نعم زعم أنك حبلى فما ولدت سميه مات الدين فسميته , فقال أتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك ؟ قالت نعم وهم أحياء , قال فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم , فحكم بينهم بهذا الحكم , فثبت عليهم المال والدم , ثم قال للمرأة سمي ابنك عاش الدين.

 

( وعن أبي عبدالله عليه السلام ) قال: أوحى الله تعالى إلى داود عليها السلام : إنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئاً.

قال: فبكى داود عليه السلام , فأوحى الله تعالى إلى الحديد أن لن لعبدي داود , فألآن الله له الحديد , فكان يعمل كل يوم درعاً فيبيعها بألف درهم , فعمل ثلثماة وستين درعاً , فباعها بثلثماة وستين ألفاً , واستغنى عن بيت المال.

 

( بشارة المصطفى ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا قام قائم آل محمد عليهم السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بيّنة , يلهمه الله تعالى.

 

وقال صاحب ( الكامل ) كان داود بن ايشا من أولاد يهودا , فلما قتل طالوت أتى بنو إسرائيل داود وأعطوه خزائن طالوت وملكوه عليهم. فلما ملك جعله الله نبياً ملكا وأنزل عليه الزبور وأمر الجبال والطير أن يسبحن معه إذا سبح , ولم يعط الله أحداً مثل صوته , كان إذا قرأ الزبور تدنو الوحش حتى يأخذ بأعناقها و كان يقوم الليل ويصوم النهار ونصف الدهر , فكان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف , وكان يأكل من كسب يده.

 

قيل : قيل أصاب الناس في زمن داود عليه السلام طاعون جارف فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس , وكان يرى الملائكة تعرج منه إلى السماء فلهذا قصده ليدعو فيه. فلما وقف موضع الصخرة دعا الله تعالى في كشف الطاعون عنهم فاستجاب الله ورفع الطاعون , فاتخذوا ذلك الموضع مسجداً وكان الشروع في بنائه لأحد عشر سنة مضت من ملكه , وتوفي قبل أن يستتم بناؤه وأوصى إلى سليمان بإتمامه.  ثم أن داود عليه السلام توفي , وكانت له جارية تغلق الأبواب كل ليلة وتأتيه بالمفاتيح ويقوم إلى عبادته , فأغلقتها ليلة فرأت في الدار رجلاً , فقالت من أدخلك الدار ؟ فقال : أنا الذي أدخل على الملوك بغير إذن , فسمع داود قوله فقال: أنت ملك الموت , فهلا أرسلت إلي فأستعد للموت ؟ قال قد أرسلت إليك كثيراً , قال: من كان رسولك ؟ قال أين أبوك وأخوك وجارك ومعارفك ؟ قال: ماتوا , قال فهم رسلي إليك بأنك تموت كما ماتوا , ثم قبضه . فلما مات ورث سليمان ملكه , وكان له تسعة عشر ولداً فورثه سليمان دونهم وكان عمر داود عليه السلام مائة سنة ومدة ملكه أربعين سنة.

 

( الكافي ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أن داود عليه السلام لما وقف الموقف بعرفة نظر إلى الناس وكثرتهم فصعد الجبل فأقبل يدعو , فلما قضى نسكه أتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا داود يقول لك ربك : لم صعدت الجبل ظننت أنه يخفى علي صوت من صوت ثم مضى به إلى البحر إلى جدة , فرسب به الماء مسيرة أربعين صباحاً إلى البر , فإذا صخرة ففلقها فإذا فيها دودة , فقال : يا داود يقول لك ربك أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر , فظننت أنه يخفى علي صوت من صوت.

 

( وعنه عليه السلام ) قال: قال داود النبي عليه السلام : لأعبدن الله اليوم عبادة ولأقرأن قراءة لم أفعل مثلها قط , فدخل محرابه ففعل , فلما فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب , فقال له: يا داود أعجبك اليوم ما فعلت من عبادتك وقراءتك ؟ فقال: نعم , فقالت لا يعجبك فإني أسبّح الله في كل ليلة ألف تسبيحة يتشعب لي مع كل تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة , واني لأكون في قعر الماء فيصوت الطير في الهواء فأحسبه جائعاً , فأطفو له على الماء ليأكلني , وما لي ذنب.

 

 

قصته عليه السلام مع اوريا.

 

( روى علي بن إبراهيم في تفسيره ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن داود عليه السلام لما جعله الله خليفة في الأرض وأنزل عليه الزبور وأوحى الله عز وجل إلى الجبال والطير أن يسبحن معه وكان سببه: أنه إذا صلى يقوم وزيره لما يفرغ من الصلاة فيحمد الله ويسبحه ويكبره ويهلله ثم يمدح الأنبياء عليهم السلام نبياً نبياً ويذكر من فضلهم وأفعالهم وشكرهم في عبادتهم لله سبحانه والصبر على بلائه , ولا يذكر داود. فنادى داود عليه السلام ربه فقال: يا رب , قد أثنيت على الأنبياء بما قد أثنيت عليهم ولا تثن علي ؟ فأوحى الله عز وجل إليه: هؤلاء عباداً ابتليتهم فصبروا وأنا أثني عليهم بذلك , فقال: يا رب فابتليني حتى أصبر فقال يا داود تختار البلاء على العافية إني ابتليت هؤلاء فلم أعلمهم , وأنا ابتليتك وأعلمك أنه يأتيك بلائي في سنة كذا من شهر كذا في يوم كذا. وكان داود يفرغ نفسه لعبادته يوماً يقعد في محرابه ويماً يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم.

 

فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز وجل فيه اشتدت عبادته وخلا في محرابه وحجب الناس عن نفسه , فبينما هو يصلي فإذا طائر قد وقع بين يديه جناحاه من زبرجد أخضر ورجلاه من ياقوت أحمر ومنقاره من اللؤلؤ والزبرجد , فأعجبه ونسي ما كان فيه , فقام ليأخذه ! فطار الطائر فوقع على حائط بين داود وبين اوريا وكان داود عليه السلام قد بعث اوريا في بعث , فصعد داود عليه السلام الحائط ليأخذ الطير , وإذا امرأة جالسة تغتسل فلما رأت ظل داود نشرت شعرها وغطت به بدنها , فنظر إليها داود عليه السلام وافتتن بها ورجع إلى محرابه ونسى ما كان فيه.

 

وكتب إلى صاحبه في ذلك البعث : أن يصيروا إلى موضع كيت وكيت ويوضع التابوت بينهم وبين عدوهم فإذا رجع عنه انسان كفر , ولا يرجع أحد عنه إلا ويقتل , فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه أن ضع التابوت بينك وبين عدوك وقدم اوريا بين يدي التابوت فقدمه وقتل.

 

فلما قتل دخل عليه الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه , ففزع داود منهما , فقالا : لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط . وكان لداود عليه السلام حينئذ تسعة وتسعون امرأة , ما بين مهيرة إلى جارية فقال أحدهما لداود عليه السلام ( إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ) – أي ظلمني وقهرني – فقال داود عليه السلام ( قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ....) الآية. فضحك المستدعى عليه من الملائكة وقال حكم الرجل على نفسه , فقال داود عليه السلام تضحك وقد عصيت ! لقد هممت أن أهشم فاك. قال: فعرجا , فقال الملك المستعدى عليه: لو علم داود أنه أحق بهشم فيه مني , ففهم داود الأمر وذكر الخطيئة. فبقى أربعين يوماً ساجداً يبكي ليله ونهاره ولا يقوم إلا وقت الصلاة , حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه.

 

فلما كان بعد أربعين يوماً نودي : يا داود ما لك أجائع أنت فنشبعك ؟ أو ظمآن فنسقيك ؟ أم عريان فنكسوك ؟ أم خائف فنؤمنك ؟ فقال: إي رب وكيف لا أخاف وقد علمت وأنت الحكم العدل لا يجوزك ظلم ظالم . فأوحى الله عز وجل إليه: تبت يا داود ؟ فقال: إي رب وأنى لي بالتوبة ؟ قال: سر إلى قبر اوريا حتى ابعثه إليك وأسأله أن يغفر لك , فإن غفر لك غفرت لك, قال: يا رب فإن لم يفعل ؟ قال: أستوهبك منه.

 

فخرج داود عليه السلام يمشي على قدميه ويقرأ الزبور حتى انتهى إلى جبل وعليه نبي عابد يقال له حزقيل , قلما سمع دوي الجبال وصوت السباع تسبح علم أنه داود فقال: هذا النبي الخاطيء فقال داود :يا حزقيل تأذن لي أن أصعد إليك ؟ قال: لا فإنك مذنب.

 

فأوحى الله تعالى إلى حزقيل : يا حزقيل لا تعيّر داود بخطيئته واسألني العافية فنزل حزقيل وأخذ داود وأصعده إليه , فقال داود : يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط ؟ قال: لا , قال: فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز وجل ؟ قال: لا , قال: فهل ركنت إلى الدنيا وأحببت تأخذ من شهواتها ولذاتها ؟ قال: بلى ربما عرض ذلك بقلبي , قال: فما تصنع ؟ قال أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه.

 

فدخل داود عليه السلام الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية وعظام نخرة وإذا لوح من حديد فيه مكتوب , فقرأه داود فإذا فيه: أنا اورى بن سلم , ملكت ألف مدينة وبنيت ألف مدينة وافتضضت ألف جارية ! فكان آخر أمري أن صار التراب فراشي والحجارة وسادي والحيات والديدان جيراني , فمن رآني فلا يغتر بالدنيا.

 

ومضى داود حتى أتى قبر اوريا , فناداه فلم يجبه. ثم ناداه , فلم يجبه. ثم ناداه ثالثة , فقال اوريا: ما لك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري وقرة عيني , قال يا اوريا اغفر لي خطيئتي , فأوحى الله عز وجل: يا داود بين له ما كان منك , فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال: يا اوريا فعلت كذا وكذا وكيت وكيت ,فقال اوريا: أتفعل الأنبياء مثل هذا ؟ فناداه فلم يجبه , فوقع داود على الأرض باكياً فأوحى الله عز وجل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه فكشف عنه , فقال اوريا لمن هذا ؟ قال لمن غفر لداود خطيئته , فقال يا رب قد وهبت لداود خطيئته. فرجع داود إلى بني إسرائيل وكان إذا صلى قام وزيره يحمد الله ويثني عليه ويثني على الأنبياء عليهم السلام  ثم يقول كان من فضل نبي الله داود (ع) قبل الخطيئة كيت وكيت.

 

فاغتم داود عليه السلام , فأوحى الله عز وجل إليه : يا داود قد وهبت لك خطيئتك وألزمت عار ذنبك بني إسرائيل , قال يا رب كيف وأنت الحكم الذي لا يجور ؟ قال: لأنه لم يعالجوك النكير.

 

وتزوج داود عليه السلام بامرأة اوريا بعد ذلك , فولد منها سليمان عليه السلام. ثم قال الله عز وجل : ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ )

 

وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام : أن داود كتب إلى صاحبه أن لا تقدم اوريا بين يدي التابوت ورده , فقدم اوريا إلى أهله ومكث ثمانية أيام ثم مات.

 

 

قال السيد نعمة الله الجزائر رحمه الله : هذا الحديث محمول على التقية لموافقته مذاهب العامة ورواياتهم وعدم منافاته لقواعدهم من جواز مثله على الأنبياء. والأخبار الواردة برده كثيرة من طرقنا , فلا مجال لتأويله , إلا الحمل على التقية.

 

( عيون الأخبار ) بإسناده إلى أبي الصلت الهروي قال: سأل الرضا عليه السلام علي بن محمد بن الجهم فقال ما يقول من قبلكم في داود عليه السلام فقال: يقولون أن داود كان في محرابه يصلي إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور , فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير ! فسقط الطير في دار اوريا بن حنان فاطلع داود في أثره , فإذا بامرأة اوريا تغتسل , فلما نظر إليها هواها , وكان قد أخرج اوريا في بعض غزواته , فكتب إلى صاحبه أن قدم اوريا أمام الحرب فقدم اوريا فظفر اوريا بالمشركين . فصعب ذلك على داود , فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم , فقتل اوريا , وتزوج بامرأته.

 

قال: فضرب على جبهته وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون , لقد نسبتم نبياً من أنبياء الله على التهاون بصلاته حين خرج في أثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل. فقال يا بن رسول الله ما كانت خطيئته فقال: ويحك أن داود ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم مني . فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب , فقالا: ( خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ) فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه فقال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه , ولم يسأل المدعي البينة على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له ما يقول . فكان هذا خطيئة داود , لا ما ذهبتم إليه. ألا تسمع الله عز وجل يقول : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ...) الآية.

 

فقال يا بن رسول الله فما قصته مع اوريا ؟ قال الرضا عليه السلام : ان المرأة في أيام داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبداً  , وأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام , فتزوج بامرأة اوريا , أو قتل لا تتزوج لما قتل وانقضت عدتها منه. فذلك الذي شق على اوريا.

 

وعن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام ما تقول فيما يقول الناس في داود عليه السلام وامرأة اوريا ؟ فقال ذلك شيء تقوله العامة.

 

 

وقال الطبرسي : اختلف في استغفار داود من أي شيء كان:

 

فقيل أنه حصل منه على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والخضوع والتذلل بالعبادة والسجود. كما حكى الله سبحانه عن إبراهيم بقوله: ( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) .

 

وأما قوله : ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ) فالمعنى إنا قبلناه منه وأثبتناه عليه , فأخرجه على لفظ الجزاء. وهذا قول من ينزه الأنبياء عن جميع الذنوب , من الإمامية وغيرهم. ومن جوز على الأنبياء الصغائر , قال إن استغفاره كان لصغيرة. ثم انهم اختلفوا في ذلك على وجوه.

 

أحدها : أن اوريا خطب امرأة فأراد أهلها أن يزوجوها له , فبلغ داود , جمالها فخطبها أيضاً فزوجوها منه وقدموه على اوريا , فعوتب داود على الحرص على الدنيا. عن الجبائي.

 

وثانيها : أنه خرج اوريا إلى بعض ثغوره فقتل , فلم يجزع عليه جزعه على أمثاله من جنده , إذ مالت نفسه إلى نكاح امرأته , فعوتب على ذلك بنزول الملكين.

 

وثالثها : أنه كان في شريعته أن الرجل إذا مات وخلّف امرأة , فأولياؤه أحق بها إلا أن يرغبوا عن التزويج بها , فحينئذ يجوز لغيرهم أن يتزوج بها. فلما قتل اوريا , خطب داود امرأته ومنعت هيبة داود وجلالته أولياؤه أن يخطبوها , فعوتب على ذلك.

 

ورابعها : أن داود عليه السلام كان متشاغلا بالعبادة , فأتاه رجل وامرأة متحاكمين إليه , فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها , وذلك مباح. فمالت نفسه ميل الطباع , ففصل بينهما , وعاد إلى عبادة ربه , فشغله الفكر في أمرها عن بعض نوافله , فعوتب.

 

وخامسها : أنه عوتب على عجلته في الحكم التثبت , وكان يجب عليه حين سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيه ولا يحكم عليه قبل ذلك , وإنما أنساه التثبت في الحكم فزعه من دخولهما عليه في وقت العبادة. انتهى.

 

وقال الرازي : بعد الطعن في الرواية المشهورة وإقامة الدلائل على بطلانها , وذكر بعض الوجوه السابقة والكلام عليها.

 

( روي ) أن جماعة من الأعداء طمعوا في أن يقتلوا نبي الله داود عليه السلام وكان له يوم يخلو بنفسه ويشتغل بطاعة ربه , فانتهزوا الفرصة في ذلك اليوم وتسوروا المحراب. فلما دخلوا عليه وجدوا عنده أقواماً يمنعونه , فخافوا فوضعوا كذباً , فقالوا خصمان بغى بعضنا على .... إلى آخر القصة. وليس في لفظ القرآن ما يمكن أن يحتج في لحاق الذنب بداود عليه السلام إلا ألفاظ أربعة :

أحدهما – قوله ( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ) وثانيها – قوله : ( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ ) وثالثها – قوله : ( وَأَنَابَ . ورابعها – قوله : ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ).

 

ثم نقول: وهذه الألفاظ لاي دل شيء منها على ماذكروه. وتقريره من وجوه :

 

الأول : أنهم لما دخلوا عليه لطلب قتله بهذا الطريق وعلم داود عليه السلام دعاه الغضب إلى أن يشغل بالإنتقام منهم , إلا أنه مال إلى الصفح عنهم , طلباً لمرضات الله تعالى , فكانت هذه الواقعة هي الفتنة , لأنها جارية مجرى الإبتلاء والإمتحان , ثم أنه ( فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ ) مما هم به من الإنتقام منهم , وتاب عن ذلك الهم ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ ) القدر من الهم والعزم.

 

الثاني : أنه وإن غلب على ظنه أنهم دخلوا عليه ليقتلوه , إلا أنه قدم على ذلك الظن , وقال لما لم تقم دلالة ولا إمارة على أن الأمر كذلك , فبئس ما عملت بهم حتى ظننت بهم هذا.فكان هذا المراد من قوله : (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) فغفر الله له ذلك.

 

الثالث :  أن دخولهم عليه كان فتنة لداود عليه السلام إلا أنه استغفر لذلك لذلك الداخل العازم على قتله.

وقوله :  ( فَغَفَرْنَا لَهُ ) أي لاحترام داود عليه السلام وتعظيمه , انتهى.

وقال البيضاوي : وأقصى ما في هذه الاشعار بأنه عليه السلام وإن كان له ما لغيره وكان له أمثاله , فنبهه الله بهذه القضية , فاستغفر وأناب عنه , انتهى.

واعلم أنه لما ثبت عصمة الأنبياء عليهم بالبراهين والأدلة القاطعة , وجب تأويل ما يكون ظاهره منافياً له.

 

وهذه الوجوه وإن كان يحصل بها الخلاص من القدح في شأن داود عليه السلام إلا أن المعول على ما في الأخبار الخالية من التقية.

 

 

فيما أوحي إليه وما صدر عنه من الحكم

 

 ( أمالي الصدوق ) رحمه الله بإسناده إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: أوحى الله سبحانه إلى داود عليه السلام: يا داود كما لا تضر الطيرة من لا يتطير منها , كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون.

 

وعنه عليه السلام : إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة , فأبيحه جنتي : فقال داود : يا رب وما تلك الحسنة ؟ قال يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة , فقال داود عليه السلام: حق لمن عرفك ألا يقطع رجاءه منك.

 

وعنه عليه السلام قال: أوحى الله تعالى إلى داود (ع) : يا داود إن العبد ليأتيني بالحسنة يوم القيامة فأحكمه بها في الجنة , فقال يا رب وما هذا العبد الذي يأتيك بالحسنة يوم القيامة فتحكمه بها الجنة ؟ قال: عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه المؤمن أحب قضاها , فقضيت له أو لم تقض.

 

وقال المسعودي من علمائنا : أنزل الله الزبور بالعبرانية خمسين ومائة سورة جعله ثلاثة أثلاث , ثلث في الأول فيه ما يلقون من بخت نصر وما يكون من أمره في المستقبل , وفي الثلث الثاني ما يلقون من أهل الثور , وفي الثلث الثالث مواعظ وترغيب ليس فيه أمر ولا نهي ولا تحليل ولا تحريم.

 

وقال الله سبحانه لداود عليه السلام : إحببني وحببني إلى خلقي , قال: يا رب أنا أحبك فكيف أحببك إلى خلقك ؟ قال: أذكر ايادي عندهم , فإنك إذا ذكرت ذلك لهم أحبوني.

 

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: بينما داود عليه السلام جالس وعنده شاب رث الهيئة يكثر الجلوس عنده ويطيل الصمت , إذ أتاه ملك الموت فسلم عليه وأخذ ملك الموت النظر إلى الشاب , فقال داود عليه السلام : نظرت إلى هذا فقال: نعم اني أمرت بقبض روحه إلى سبعة أيام في هذا الموضع , فرحمه داود عليه السلام فقال: يا شاب هل لك امرأة ؟ فقال لا وما تزوجت قط. قال داود : فأت فلاناً – رجلا كان عظيم القدر في بني إسرائيل – فقل له ان داود عليه السلام يأمرك أن تزوجني ابنتك وتدخل بها في هذه الليلة وخذ من النفقة ما تحتاج إليه وكن عندها فإذا مضت سبعة أيام فوافني في هذا الموضع.

 

فمضى الشاب برسالة داود عليه السلام فزوجه الرجل ابنته وأدخلوها عليه وأقام عندها سبعة أيام. ثم وافى داود عليه السلام يوم الثامن , فقال له داود عليه السلام : يا شاب كيف رأيت ما كنت فيه ؟ قال ما كنت في نعمة وسرور قط أعظم مما كنت فيه , قال داود عليه السلام أجلس! فجلس , وداود عليه السلام ينتظر أن يقبض روحه.

 

فلما طال قال: انصرف إلى منزلك فكن مع أهلك , فإذا كان يوم الثامن فوافني هاهنا . فمضى الشاب , ثم وافاه يوم الثامن وجلس عنده , ثم انصرف أسبوعاً آخر , ثم أتاه وجلس. فجاء ملك الموت إلى داود عليه السلام فقال له داود عليه السلام : ألست حدثتني بأنك أمرت بقبض روح هذا الشاب إلى سبعة أيام ؟ قال بلى فقد مضت ثمانية وثمانية وثمانية , قال يا داود إن الله تعالى رحمه برحمتك له , فأخر في أجله ثلاثين سنة.

 

وعن أبي عبدالله عليه السلام قال: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام أن خلادة بنت اوس بشرها بالجنة واعلمها أنها قرينتك في الجنة.

 

فانطلق إليها وقرع الباب وخرجت وقالت هل نزلت فيّ شيء ؟ قال إن الله أوحى إلي فأخبرني أنك في الجنة وأن أبشرك بالجنة , قالت أو يكون اسم وافق اسمي , قال إنك لأنت هي , قالت يا بني ما أكذبك ولا والله  ما أعرف من نفسي ما وصفتني به , قال داود عليه السلام أخبريني عن ضميرك وسريرتك ما هو ؟ فقالت: أما هذا فسأخبرك به , أخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائناً ما كان ولا نزل ضر بي حاجة وجوع كائناً ما كان إلا صبرت عليه , ولم اسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله عني إلى العافية والسعة , ولم أطلب بها بدلا وشكرت الله عليها وحمدته. فقال لها داود عليه السلام : فبهذا بلغت ما بلغت. وقال أبو عبدالله عليه السلام: هذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين.

 

( كتاب الحسين بن سعيد بن ابي البلاد ) عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في بني إسرائيل عابد , فأعجب به داود (ع) , فأوحى الله تبارك وتعالى : لا يعجبك من أمره فإنه مراء. قال: فمات الرجل , فأتى داود عليه السلام فقيل له مات الرجل. فقال: أدفنوا صاحبكم.

قال: فأنكرت بنوا إسرائيل وقالوا كيف لم يحضره.

قال: فلما غسل , قام له خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيراً , فلما صلوا عليه قام خمسون رجلاً فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيراً. فأوحى الله تعالى إلى داود (ع): ما منعك أن تشهد فلاناً ؟ قال: الذي أطلعتني عليه من أمره , قال: إن كان كذلك ولكن هشد قومن الأحبار والرهبان فشهدوا له ما يعلمون إلا خيراً , فأجزت شهادتهم عليه وغفرت له علمي فيه.