قال تعالى
في سورة سبأ : (( َقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا
لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ))
(
الكافي ) عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر (ع) عن
قوله الله عز وجل ( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ
أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ) فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة
ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة , فكفروا بأنعم الله وغيروا ما
بأنفسهم , فأرسل الله عليهم العرم , فغرق قراهم وخرب ديارهم وأبدلهم مكان جناتهم
جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل , جزاء بكفرهم.
يقول
السيد نعمة الله الجزائري
: هؤلاء هم أهل سبأ الذين قص الله سبحانه قصتهم في القرآن وكان يجر إلى اليمن , ثم
أمر سليمان جنوده أن يجروا لهم خليجاً من البحر العذب , ففعلوا ذلك وعقدوا له عقدة
عظيمة من الصخر والكلس حتى يفيض على بلادهم وجعلوا للخليج مجاري , وكانوا إذا
أرادوا أن يرسلوا الماء أرسلوه بقدر ما يحتاجون إليه وكانت جنات مسيرة عشرة أيام
فمن يمر لا تقع عليه الشمس من إلتفاف أغصانها , وكان من كثرة النعم أن المرأة كانت
تمشي والمكتل على رأسها , فيمتليء بالفواكه من غير أن يمس يدها شيئاً , ولم يكن في
قريتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية , وكانت قراهم ثلاثة عشر قرية ,
في كل قرية نبي يدعوهم إلى الله فلم يقبلوا دعاء الأنبياء إلى الله. فأرسل الله
عليهم سيل العرم ( فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى
أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ) , وذلك أن الماء كان
يأتي أرض سبأ من أودية اليمن , وكان هناك جبلان يجتمع ماء المطر والسيول بينهما ,
فسدوا ما بين الجبلين , فإذا احتاجوا إلى الماء نقبوا السد بقدر فيسقون زروعهم
وبساتينهم.
فلما
كذبوا الرسل بعث الله جرذاً نقب ذلك الردم وفاض الماء عليهم فأغرقهم. وقيل: أن ذلك
السد ضربته لهم بلقيس , ثم بدل الله جناتهم بجنات فيها أم غيلان وأثل – وهو نوع من
الطرفا وشيء من السدر.
( وروى الكلبي ) عن أبي صالح قال: ألقت طريفة الكاهنة
إلى أبي عامر الذي يقال له: ابن ماء السماء , وكانت قد رأت في كهانتها أن سد مأرب
سيخرب وأنه سيأتي سيل العرم فيخرب الجنات.